"ثورة" على الحجاب الإجباري.. والنظام الإيراني "مصدوم"

نشر في: آخر تحديث:
وضع القراءة
100% حجم الخط
7 دقائق للقراءة

حذر تقرير أصدره مركز الأبحاث الاستراتيجية بمكتب الرئاسة الإيرانية من انتشار حملة رفض الحجاب الإجباري التي انضم إليها حتى بعض المحجبات وبعض الرجال أيضا، تضامنا مع مطالب النساء الإيرانيات بحرية اختيار غطاء الرأس، معتبرا أنها تشكل "قلقا كبيرا" للنظام الحاكم.

ووفقا لوكالة "ايسنا" للطلبة الإيرانيين، فإن التقرير الذي نشر، السبت، أكد أن "الإحصائيات تشير إلى أن أغلبية الناس تعتقد أن اختيار الحجاب من عدمه حق بدائي للنساء وأمر شخصي ولا يجب على الدولة أن تفرض الحجاب عليهن".

وشدد التقرير على أن الإجراءات المتطرفة التي اتخذتها شرطة الآداب والأجهزة الموازية في #إيران، كاعتقال النساء اللائي لا يرتدين الحجاب الشرعي، وفرض الغرامات المالية على المخالفات لم تكن مؤثرة".

فتاة محجبة تنضم للحملة
فتاة محجبة تنضم للحملة

وذكر التقرير المؤلف من 20 صفحة أن "ظاهرة الحجاب السيئ وقضية المرأة، هي من أكثر القضايا الثقافية والاجتماعية إثارة للجدل، وبالغة الاهتمام بالنسبة لنظام الجمهورية الإسلامية".

كما أشار إلى أن الإجراءات التي اعتمدها النظام لفرض الحجاب، وأبرزها قانون تنفيذ استراتيجيات لتوسيع ثقافة العفة والحجاب، تعرضت لانتقادات كثيرة بعد فشل السلطات في فرض الحجاب قسرا.

ويرى مراقبون أن نشر التقرير الرئاسي يعد انتصارا كبيرا للاحتجاجات التي قامت بها النساء ضد الحجاب في #طهران ومدن إيرانية أخرى.

وفي تقرير رسمي إيراني سابق اطلعت عليه "العربية.نت"، ذكر مدير مركز "إيسبا" لاستطلاع الرأي في إيران، محمد آغاسي، أن "25% من نساء إيران فقط يرغبن بارتداء العباءة (التشادور)، على عكس حقبة الشاه، حيث أظهرت إحصائية في عام 1975 رغبة الرجال بالتزوج من نساء محجبات بنسبة 75%، لكن في إحصاء أجري عام 1995 انخفضت هذه النسبة إلى 36%".

المرأة الإيرانية في عهد الشاه
المرأة الإيرانية في عهد الشاه

وبحسب مقارنة هذا المسؤول الإيراني حول الحجاب قبل وبعد الثورة فإن "رغبة الناس للحجاب واستعمال العباءة (التشادور) كغطاء للجسم انخفضت بنسبة 50% بين عامي 1975 (عهد الشاه) و2015 (عهد الجمهورية الإسلامية)، وفق ما نقل الموقع الرسمي لمركز "إيسبا".

وعزا آغاسي هذه الأرقام إلى "التفكك الاجتماعي المطرد الذي يشهده المجتمع الإيراني"، منتقدا في الوقت نفسه تهرب المسؤولين من تقبل الواقع الاجتماعي الذي يعيشه المجتمع.

ومنذ الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 فرضت القوانين على النساء ارتداء الثياب الفضفاضة والحجاب الذي يغطي الشعر والرقبة.

وتقوم عديد من الأجهزة الأمنية والشرطة والهيئات الدينية بتطبيق ارتداء الحجاب الشرعي، ويتم فرض عقوبات وغرامات على النساء اللواتي ينتهكن القانون.

فتاة تخلع الحجاب أمام محكمة الثورة
فتاة تخلع الحجاب أمام محكمة الثورة

ومع كل هذا التشدد الحكومي تقوم الكثير من النساء الإيرانيات بارتداء حجاب خفيف بالكاد يغطي شعر المرأة، وثيابا ضيقة بدلا من المعطف الطويل أو العباءة التقليدية (التشادور).

ودفع هذا الوضع النواب المتشددين إلى التصويت على مشروع قانون يجرم عدم التقيد بالقانون الخاص بالزي الإسلامي، ويمنح صلاحيات واسعة للهيئات الدينية المتعاونة مع الأجهزة الأمنية لفرض الحجاب.

وبعيد الثورة التي أطاحت بالشاه عام 1979 أعلن الخميني أن جميع دوائر الدولة يجب أن تلتزم بفرض الحجاب على النساء، وردا على هذا التعميم، خرجت مظاهرة نسائية عارمة في 8 مارس 1980 وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة وحضرتها حوالي 15 ألف امرأة أمام مكتب رئيس الوزراء المؤقت.

وبعد ذلك استمرت المظاهرات النسوية تدريجيا في كل مكان لكن ذلك لم يجدِ نفعا، حيث صدر قانون بعد عام بفرض الحجاب في كل الأماكن العامة والحكومية على النساء، وكانت العقوبة قاسية وشديدة ضد كل من تخالف القانون والأعراف، وفي الواقع فإن مهمة شرطة الآداب في إيران في غالبها الأعم رصد مظاهر " سوء الحجاب" كما تطلق عليه السلطات.

وعلى الرغم من ذلك لا تلتزم جميع النساء الإيرانيات بهذا القانون، خاصة بنات الجيل الجديد اللواتي يلتزمن غالبا بوضع غطاء رأس قصير يظهر الوجه والرقبة ويغطي الشعر جزئيا، بينما ترتدي الفتيات والمراهقات ملابس ضيقة وأكثر تحررا من الشادور أو المعطف الطويل الفضفاض، الأمر الذي يثير غضب المتشددين الذين يعتبرون هذا الأمر غزوا ثقافيا غربيا ينتهك التقاليد والأعراف.

الشرطة النسائية توقف نساء لعدم التزامهن بالحجاب
الشرطة النسائية توقف نساء لعدم التزامهن بالحجاب

بينما تستمر حملة الاحتجاج الرمزي ضد الحجاب القسري ويزداد عدد المشاركين بها، أعلنت السلطات الأمنية عن اعتقال العشرات ممن شاركن في الحملة في العاصمة طهران وحدها.

وتتهم شرطة طهران المشاركات بحملة مناهضة الحجاب الاجباري بالتأثر في حملة "الحريات المختلسة" و"أيام الأربعاء الأبيض"، وهي حملات ضد قانون الحجاب القسري أطلقتها الصحفية المعارضة المقيمة في الخارج، مسيح علي نجاد، عبر مواقع التواصل.

وتفاعل مع الدعوة الكثير من الفتيات والنساء داخل إيران من خلال رفع غطاء الرأس ونشر صورهن في صفحات وحسابات هذه الحملات عبر مواقع التواصل.

وذكرت الشرطة في بيانها أنها شنت حملة اعتقالات في العاصمة من أجل "ضمان الزمن الاجتماعي" من خلال اعتقال "المخدوعين بحملات شبكات التواصل الذين يهددون أمن المجتمع"، بحسب ما ورد في نص البيان.

وتستمر حسابات وصفحات عبر مواقع التواصل والشبكات الاجتماعية بنشر صور ومقاطع من مختلف أنحاء إيران مع هاشتاغ #دختران_خیابان_انقلاب أي "فتيات شارع انقلاب" كتعبير عن التعاطف مع المرأة ورفضا للحجاب القسري.

كما أطلق ناشطون هاشتاغ #نه_به_حجاب_اجبارى (لا للحجاب القسري) بالإضافة لهاشتاغ #معترضان_حجاب_اجبارى_را_آزاد_كنيد أي "أطلقوا سراح المحتجين على الحجاب القسري" للمطالبة بالإفراج عمن اعتقلوا لمشارمكتهم في الحملة.

يذكر أن هذه الحملة انطلقت بعدما تحولت ويدا موحد، البالغة من العمر 31 عاما والتي كانت أول سيدة تقوم بهذه الحركة في 27 ديسمبر الماضي، أي قبل يوم من انطلاق الاحتجاجات الشعبية الأخيرة في إيران، حيث انتشر عنها مقطع فيديو عبر وسائل الإعلام العالمية وهي تقف على مخزن للاتصالات وتلوح بوشاحها أمام المارة.

وتحولت ويدا كأيقونة ورمز لمطالب المرأة الإيرانية دفعت بالإيرانيين أن يطلقوا حملة شعبية عبر شبكات التواصل للإفراج عنها بهاشتاغ #دختر_خیابان_انقلاب ما دفع السلطات لإطلاق سراحها بعد شهر من الاعتقال.

وقامت العديد من النساء والفتيات الإيرانيات بتقليد فتاة شارع "انقلاب" بطهران، احتجاجا على فرض الحجاب الإجباري في إيران، وانضم بعض الرجال أيضا إلى تأييد الحركة حيث وقف العديد من الشبان في المعابر العامة رافعين أوشحة وكتبوا عبارات تضامنية مع النساء.

هذا وتداول نشطاء إيرانيون في شبكات التواصل الاجتماعي، يوم الجمعة، مقطع فيديو لمجموعة من النساء يخلعن الحجاب بشكل جماعي في ميدان يقع في شارع "انقلاب"” بالعاصمة طهران للتحدي بعد اعتقال 29 امرأة قمن بخلع حجاب في الأماكن العامة.

انضم إلى المحادثة
الأكثر قراءة مواضيع شائعة

تم اختيار مواضيع "العربية" الأكثر قراءة بناءً على إجمالي عدد المشاهدات اليومية. اقرأ المواضيع الأكثر شعبية كل يوم من هنا.